السبت، 15 نوفمبر 2008

يَا سَيِّدِي ... هَاهِيَ لَيْلَةُ الْعِيْدِ ~

يَا سَيِّدِي ... هَاهِيَ لَيْلَةُ الْعِيْدِ ~









يا سيدي –تحت التراب- هاهي ليلة العيد الخامس ...
آتيك أرش قبرك بماء ورد مزعفر , وأسوّيه براحتيَّ كما أفعل كل ليلة ...
منذ أن وضعوك في هذه الحفرة وواروها التراب .


هل تعلم يا سيدي أنهم يقولون -قبل قليل- أني مجنونة ؟!
لكنني لم أهتم ...
يقولون أنك ميّت !
لا أصدقّهم , لست ميتًا ولستُ مجنونة ... أليس كذلك ؟!


ها أنا أشمّ رائحة قهوتك كلما أتيتك ها هنا ...
وألحُّ عليك أن أتذوقها , فتمنعني ...
فأتمثّل الانكسار , فتسمح لي ...
فأشرب قطرة أنتفض لمرارتها !
فتضحك عليّ , وتقبّل جبيني , وتلقمني قطعة من كاكاو أو من كعكة الجوز والجزر –كما كنت تفعل- .
ها أنا أسمع نبض قلبك كلما أتيتك , وكأنّي أدفن رأسي في صدرك !
قل لي -بربنا- أي حنوٍّ استفرد بضمّه ذلك الصدر ؟!

ها أنت تحدثني كل ليلة بأخبار الرياضة والسياسة –كما كنت تفعل- ...
فأطيل النظر في قسماتك , لا لأنني مندمجة , فلستُ أعي شيئًا مما تقول ...
مجرد محاولة لأن أقتبس من نورك نورًا !

ها أنا أغنيّ نشيد الابتدائية الذي لحنّتَه لي , فنسيتُ كل الأناشيد إلاّه ...
وتغنيه معي كل ليلة –كما كنت تفعل- .

ها أنت آخر جلستنا تحدثني عن الحب –كما كنت تفعل- ...
فلا أفقه من حديثك سوى أنّك تشبّه الحب بالبحر , ولم أفقه وجه الشبه بينهما حتى الآن !
تسألني عندما تنتهي : وأنتِ ماذا يعني لكِ الحب ؟!
فأنظر إليك في بلاهتين –بلاهة عفوية , وبلاهة مصطنعة تتبعها- ثم أجيب : لا شيء سوى أنه يذكّريني بكَ !

لستَ ميتًا ولستُ مجنونة ... أليس كذلك ؟!
هانحن نمارس [ كل ] تلك الطقوس [ كل ] ليلة ...
أو هكذا يُخيّل إليّ !


لازلت أذكرُ طوق الفل الذي ألبستني عندما تخرّجت من الابتدائية ...
عاهدتك –يا سيدي- أن ألبسك طوقًا مثله عندما تعود , وأنا على عهدي .

لازلت أذكر زجاجة العطر الذي أهديتني عندما بلغتُ الخامسة عشر ...
هل تصدّق أنها معي حتى الآن ؟
هل تصدّق أنها ما فتأت تنفث العطر رغم أنها فارغة ؟
هل تصدّق أنْ لا أحد يشمُّ رائحة ذلك العطر سواي ؟


أيا فتنتي ...
هاهي ليلة العيد الخامس منذ أن قبروك ...
وفي كل ليلة لا أذكر إلاّك !
ولا أسمع إلا صوتك !
ولا أرى إلا طيفك !
ولا أشعر إلا بك , نبضك , نَفَسك , خطوك , دفئك ...
ويْكأنني أسكنكَ أو تسكنني !



يا سيدي ...

عَلَّمْتَنِي أَنْ لَا أَنْسَاكَ دَهْرًا ...
فَعَلِّمْنِي الْآنَ كَيْفَ أَنْسَى ؟!
مفكرة إسلامية *
ليلة عيد الفطر 1429هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق